المدونة
اللعب هو اللغة الأولى للطفل… فهل تجيد التحدث بها؟
اللعب هو اللغة الأولى للطفل… فهل تجيد التحدث بها؟
نحو فهم أعمق لأهمية اللعب في بناء شخصية الطفل وتطوير قدراته
✨ “حين يلعب الطفل، فهو لا يضيّع وقته… بل يكتشف العالم، ويكتشف نفسه.”
في عالمٍ يركّز كثيرًا على النتائج الأكاديمية والنجاح المبكر، يتناسى الكثير من الآباء والمعلمين أن الطفل لا يتعلم عبر الورقة والقلم في السنوات الأولى، بل عبر أداة أعمق تأثيرًا وأكثر صدقًا: اللعب.
اللعب ليس مجرد وسيلة ترفيه. إنه اللغة الأولى التي يفهم بها الطفل العالم، ويعبّر من خلالها عن احتياجاته، ويطوّر بها مهاراته العاطفية، العقلية، الحركية والاجتماعية.
🎈 ما هو اللعب من منظور تربوي؟
اللعب ليس عبثًا. بل هو عملية معرفية وانفعالية معقدة، يمارسها الطفل بفطرته، ويعيد من خلالها ترتيب فهمه للعالم الخارجي وفقًا لتجاربه الداخلية.
إنه مساحة آمنة للتجربة والتعلّم والتعبير.
الطفل حين:
- يبني برجًا من المكعبات، فهو يتعلّم التوازن والتخطيط.
- يتقمص دور الطبيب، فهو يعالج قلقه ويطوّر تعاطفه.
- يجري في الحديقة، فهو يُفرغ طاقته وينمّي مهاراته الحركية.
كل لحظة لعب هي لبنة في بناء الذات.
🧠 لماذا نعتبر اللعب “لغة”؟
كما أن اللغة تنقل الأفكار والمشاعر، فإن اللعب ينقل لدى الطفل:
- ما يفكر فيه: من خلال تمثيل الأدوار أو اختراع الحلول.
- ما يشعر به: يظهر في حركاته، في اختياره للألوان، في نوع ألعابه.
- ما يحتاجه: حين يكرر سيناريو معينًا، أو يلجأ إلى العزلة أو التصادم.
اللعب إذًا هو “ترجمان” الطفل الداخلي. وإذا كنا لا نفهم هذه اللغة، فنحن نضيّع على أنفسنا فرصة لفهم الطفل بعمق.
👀 هل تجيد التحدث بلغة اللعب؟
كثير من الآباء والمعلمين لا يدركون أن الطفل لا يحتاج دائمًا إلى الشرح أو التوجيه، بقدر ما يحتاج إلى شخص يدخل عالمه، ينزل إلى مستواه، يشاركه اهتمامه دون إصدار أحكام.
أن تجيد التحدث بلغة اللعب يعني أن:
- تركع بجانبه، وتنظر إلى عينه وهو يصف لعبته.
- تُقلده في صوته وأدواره دون تصحيح.
- تضحك من قلبك، لا من باب المجاملة.
- تُفسح له المجال ليقود، لا أن تسيطر على كل لحظة.
اللعب الحقيقي لا يحدث حين تفرضه على الطفل… بل حين تنضم إليه بشغف، لا بإشراف.
📚 اللعب والتعليم: العلاقة التي لا تنفصل
هل تعتقد أن اللعب يُعطّل التعلّم؟
دعنا نعيد النظر.
علم الأعصاب الحديث يؤكد أن الطفل يتعلم بشكل أعمق وأسرع عندما يكون في حالة انفعالية إيجابية، أي حين يشعر بالمرح، الأمان، والحرية… وكلها تتحقّق في بيئة اللعب.
في لحظات اللعب:
- تنشط دوائر الذاكرة طويلة المدى.
- تتطور مهارات التركيز والانتباه.
- يُعزَّز الربط بين المفاهيم والأحاسيس.
اللعب ليس ضد التعلّم، بل هو شكله الأكثر فاعلية.
🧩 أنواع اللعب التي تطور شخصية الطفل
| نوع اللعب | ما يطوّره | مثال عملي |
|---|---|---|
| اللعب التخيّلي | الخيال، التعاطف، اللغة | تقمّص دور الأم، الطبيب، البائع |
| اللعب الحركي | التوازن، التحكم بالجسم، الجرأة | الجري، القفز، التسلّق |
| اللعب التركيبي | التفكير الهندسي، التخطيط | بناء المكعبات، البازل |
| اللعب الفني | التعبير عن الذات، التذوق الجمالي | الرسم، التلوين، الصلصال |
| اللعب الجماعي | التعاون، حل النزاعات، التفاوض | الألعاب الجماعية، الأدوار المشتركة |
💡 كيف تدعم لغة اللعب في بيتك؟
- خصص مساحة للعب: حتى لو كانت بسيطة، اجعلها ملكًا للطفل.
- قلّل من التوجيه: لا تحوّل اللعب إلى اختبار، اسمح له بالقيادة.
- لا تقيّم دائمًا: لا تقل له دائمًا “رائع” أو “خطأ”، بل شاركه التجربة بصدق.
- قدّم مواد مفتوحة النهاية: مثل الكرات، الصناديق، الأقمشة، التي تثير الخيال.
- شاركه اللعب يوميًا: حتى 10 دقائق يوميًا تحدث فرقًا في العلاقة والتطوّر.
❤️ اللعب هو بوابة طفلك إلى العالم… فادخل معه
الطفل لا يقول لك “أنا متوتر”… لكنه قد يلعب بعنف.
ولا يقول “أريد احتواءً”… لكنه يجلس وحيدًا خلف لعبته.
ولا يقول “أنا سعيد”… لكنه يغني ويقفز دون توقف.
حين تتقن لغة اللعب، ستسمع كل ذلك.
ستعرف متى يعاني ومتى يزدهر، متى يخاف ومتى يثق.
اللعب ليس مضيعة للوقت… بل استثمار في الإنسان.
فهل أنت مستعد أن تتحدث بلغة طفلك الأولى؟